بحـث
مواضيع مماثلة
المواضيع الأخيرة
(أحاديث تربوية الحديث الأول )
صفحة 1 من اصل 1
(أحاديث تربوية الحديث الأول )
أحاديث تربوية الحديث الأول
" أهمية الإخلاص في العمل التربوي "
عن علقمة بن وقاص الليثي يقول : سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرىء ما نوى فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها ، أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه " أخرجه البخاري ح 1، ومسلم ح 907" .
مكانة هذا الحديث عند أهل العلم :
قبل ما نقوم بذكر الفوائد والدروس التربوية المستقاة من هذا الحديث نعرج على مكانة هذا الحديث عند أهل العلم :
قال ابن رجب في " جامع العلوم والحكم " (1/ 8 ) : اتفق العلماء على صحته ، وتلقيه بالقبول ، وبه صدر البخاري كتابه " الصحيح " وأقامه مقام الخطبة له ، إشارة منه إلى أن كلّ عمل لا يراد به وجه الله فهو باطل ، لا ثمرة له في الدنيان ولا في الآخرة ، ولهذا قال عبد الرحمن بن مهدي : لو صنفت كتابا في الأبواب لجعلت حديث عمر بن الخطاب في الأعمال بالنية في كل باب .
وهذا الحديث أحد الأحاديث التي يدور الدين عليها فرُوىَ عن الشافعي ، أنه قال : هذا الحديث ثلث العلم ويدخل في سبعين باباً من الفقه .
الفوائد والدروس التربوية المستقاة من هذا الحديث :
عند تأمل هذه الحديث ، وكلام أهل العلم يخرج الإنسان بفوائد ودروس تربوية جمة من ذلك :
1ـ أهمية الخطابة في المجال التربوي :
فهذا الحديث نقل إلينا عن طريق الخطبة ، فأمير المؤمنين قاله على المنبر تأسياً في ذلك برسول الله صلى الله عليه وسلم ، مما يدل على أن أسلوب الخطابة أسلوب لا يستغني عنه المربي ، فهو من الأساليب التبليغية ، فيلجأ إليه في ميادين شتى ، فعندما يكون هناك جمع حافل في المسجد ، أو أحد محاضن التربية ، أو في مجتمعات الناس ، ونواديهم ، ويريد أن يوصل إليهم أفكار تربوية ففي هذه الحالة يلجأ إلى الخطابة ؛ لما يرجى أن تحدثه من تأثير فوري في المستمعين ؛ شريطة أن يعطيها من الاهتمام بها والاستعداد لها .
ولأهمية الخطابة في الدين الإسلامي نجد أن كثيراً من أساسية هذا الدين نقلت إلينا عن طريق الخطابة ، ومما يبين أهمية الخطب لدى الشارع الحكيم أمر بالحضور إليها والإنصات والاستماع وأخذ الزينة لها كخطبة الجمعة والعيدين .
2ـ أهمية اتصاف المربي بالإخلاص والصدق :
فالمربي الناجح هو من يتصف بصفات ووسائل النجاح ، وأهم هذه الصفات الصدق والإخلاص فلا بد أن يكون صادقً النية ، ومخلصاً العمل لله سبحانه .
قال الله عز وجل (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ )) " سورة التوبة - الآية : 119 ".
فالكثيرون يحصر الصدق بصدق اللسان بالقول فحسب ، مع أن الصدق أوسع من ذلك فهو منهج عام ، وسمت من سمات الشخصية المسلمة في ظاهره وباطنه ، وقوله وفعله ، والمربي المسلم له قصب السبق في ذلك ، ومما يخص المربي في ذلك المفردات التالية :
أ ) ـ الصدق والإخلاص في التدين :
فالمربي يجب أن يكون تدينه تديناً صحيحاً مبنياً على الإخلاص والصدق مع الله عز وجل بعيداً عن النفاق والكذب والمخادعة ، انقياداً ظاهراً وباطناً ، في السر والعلن ، ولهذا كثيراً ما نرى في القرآن الكريم إطلاق الصدق مقابل النفاق ، قال عز من قائل : (( لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا )) " سورة الأحزاب الآية : 24 " .
ب ) ـ الصدق والإخلاص في العمل ، والتربية :
قال الله عز وجل : (( فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا )) " " الكهف ، الآية : 110 " . وقوله : (( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا )) " الملك ، الآية : 2 " . قال الفضيل بن عياض : أيكم أحسن عملاً ، أي : أخلصه وأصوبه .
فليكن ما تقوم به من أعمال في تربية النشء خالصة لوجه الله سبحانه ، بعيدة عن الرياء والسمعة ، فالتربية شأنها شأن سائر العبادات الشرعية ؛ فلذا لا بد من إحاطتها بسياج الضوابط الشرعية ، بعيداً عن كل ما فيه تجاوز لتلك السياج .
قال داود الطائي : رأيت الخير كله إنما يجمعه حسن النية ، وكفاك بها خيراً وإن لم تصب .
وإخلاص النية تحتاج من المربي إلى جهد ومتابعة قال سفيان الثوري : ما عالجت شيئاً أشد عليّ من نيتي لأنها تتقلب عليّ .
فعلى المربي أن يكون صادقاً في حمل دعوته ، ماضياً قدماً في ذلك ، جاعلاً الصدق في القول والعمل منهجاً وشعاراً .
3ـ أهمية تغير البيئة ، والانتقال إلى بيئة أفضل :
فمن الوسائل التي تساعد على نجاح التربية ، لا سيما على المتربي تغير البيئة التي هو فيها إن كانت تحول بينه وبين التدين والالتزام إلى بيئة أفضل أمناً وصلاحاً ، فقوله صلى الله عليه وسلم : " فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها ، أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه " . يشمع جميع أقسام الهجرة من الفرار بالدين من أرض الكفر إلى أرض الإسلام ، أو من أرض الخوف إلى أرض الأمان ؛ كما أشار إلى ذلك ابن حجر في " الفتح " (1/16) .
ومن ذلك حديث أبي سعيد الخدري في " حديث الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفساً " ، وفيه فُدل على رجل عالم فقال : إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة ؟ فقال : نعم ومن يحول بينه وبين التوبة ؟ انطلق إلى أرض كذا وكذا فإن بها أناساً يعبدون الله فاعبد الله معهم ، ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء فانطلق حتى إذا نصف الطريق ....... الحديث " أخرجه مسلم ح 2766.
فالمربي قد يكون بين أوساط مجتمع نفعه وثمرته محدوداً ومحصوراً فيهم ؛ لعدم قابليتهم لطروحاته التربوية ؛ إما جهلاً أو حسداً ، أو ضعفاً في مستواهم العلمي والثقافي ، فيرى أن ليس هناك جدوى في البقاء عندهم ؛ بل قد يجد منهم أذى ومضايقة ، فهنا الأحسن له ولطرواحته أن ينتقل إلى بيئة يجد من أهلها قبولاً وترحيباً ؛ فبقاه في بيئته الأولى مضيعة لوقته وجهده هذا إذا سلم من أذاهم ، فهذا هو ما حصل للنبي صلى الله عليه وسلم مع أهل مكة فبعد مدة ثلاثة عشر عاماً فقدم كل ما يستطيعه لهدايتهم جاءه الإذن من الله سبحانه أن ينتقل إلى المدينة النبوية فهناك وجد قبولاً ونجاحاً لدعوته صلى الله عليه وسلم .
4ـ أهمية معرفة حكم الفعل قبل الإقدام عليه أو الأمر به أو النهي عنه :
قال ابن حجر في " فتح الباري " (1/18) : واستدل بهذا الحديث على أنه لا يجوز الإقدام على العمل قبل معرفة الحكم ؛ لأن فيه أن العمل يكون منتفياً إذا خلا عن النية ، ولا يصح نية فعل الشيء إلا بعد معرفة حكمه .
فكثير من الطروحات التي جنح بها أصحابها عن جادة الصواب ناتجة من قلة علمهم بحكمها ، ولأهمية معرفة الحكم قبل الإقدام عليه نجد النبي صلى الله عليه وسلم ينتظر الساعات بل الأيام الطوال ـ كما في قصة الإفك ـ قبل أن يقدم على العمل .
فمتى ما التزم المربي بذلك قل خطؤه ، وصح عمله ، وتكون تربيته على نور من الله إذا اتبع منهج المربي الأول صلى الله عليه وسلم ، قال الله تعالى : { قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} " سورة يوسف ، أية 108".
5ـ التنبه إلى خطر الدنيا ، وزينتها لا سيما المرأة لشدة خطرها :
إن هذه الحياة الدنيا حلوة خضرة تحمل بين طياتها فتناً ومغرياتٍ ومثيراتٍ : فتنة المال ، والنساء ، وجنون الرياسة والإمارة والسلطة .........
ولهذا أعلنها النبي صلى الله عليه وسلم بوضوح بقوله : " أبشروا وأملوا ما يسركم ؛ فوالله لا الفقر أخشى عليكم ، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم ؛ فتنافسوها كما تنافسوها ، وتهلككم كما أهلكتهم " أخرجه البخاري ح 2998، ومسلم ح2961من حديث عمرو بن عوف .
وهذا واضح في قوله : " فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها ، أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه " .
ويكن أثر ذلك على المربي وكذا المتربي إذ كان عمله الذي يزاوله في التربية للدنيا من حصول منفعة ، أو دفع مضرة ، ولم ينو فيه لله سبحانه نية طيبة فيخسر الأجر والمثوبة على فعله ؛ إذ أن من شروط قبول العمل : الإخلاص والموافقة .
ومن أثر الدنيا وملذاتها على المربي على طروحاته فقد يجنح بها عن جادة الصواب لنيل شيء من هذه الملذات .
قال ابن القيم : كل من آثر الدنيا من أهل العلم واستحبها ، فلا بد أن يقول على الله غير الحق في فتواه وحكمه ، في خبره وإلزامه ؛ لأن أحكام الرب سبحانه كثيراً ما تأتي على خلاف أغراض الناس ، ولا سيما أهل الرياسة والذين يتبعون الشبهات فإنهم لا تتمُّ لهم أغراضهم إلا بمخالفة الحق ودفعه كثيراً ، فإذا كان العالم ، والحاكم محبين للرياسة ، متبعين للشهوات لم يتم لهما ذلك إلا بدفع ما يضاده من الحق ، ولا سيما إذا قامت له شبهة ، فتتفق الشبهة ، والشهوة ، ويثور الهوى ، فيخفى الصواب ، وينطمس وجه الحق .
ويظهر ذلك جلياً ما رواه كعب بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم قال : " ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال ، والشرف لدينه " . رواه أحمد والترمذي .
وقد أشار إلى ذلك ممن أصيب بلوثة بعقله ، وهو المعري بقوله :
لولا التنافس في الدنيا لما وضعت *** كتب التناظر لا المغني ولا العمد *
ولأثر الدنيا على الإنسان ؛ إما جنوحاً أو إخماداً هرع جحافل كفار قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لعرض عليه أسس هذه الحياة الدنيا وزينتها : إما مالاً لكي يكون أغنى رجل بمكة ، أو تزويجه مما أراد من النساء شريطة أن يتخلى عن رسالته ودعوته فيعرض عن ذلك كله.
ومن أثر مخالطة الدنيا للمربي الدعة والكسل والخمول ، وقلة النشاط والحماس في مهمته التربية ، ومن ثم يقل إنتاجه وأثره مع ضعف وسطحية في الطرح .
وتخصيص النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة في هذا الحديث تأكيداً على شدة خطرها وفتنتها للرجل.
قال ابن حجر في " فتح الباري " (1/17) : وسر الاهتمام بالمرأة الزيادة في التحذير ؛ لأن الافتتان بها أشد .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
إبراهيم بن محمد السعوي
القصيم ـ بريدة
ams2041@naseej.com
"
عن علقمة بن وقاص الليثي يقول : سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرىء ما نوى فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها ، أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه " أخرجه البخاري ح 1، ومسلم ح 907" .
مكانة هذا الحديث عند أهل العلم :
قبل ما نقوم بذكر الفوائد والدروس التربوية المستقاة من هذا الحديث نعرج على مكانة هذا الحديث عند أهل العلم :
قال ابن رجب في " جامع العلوم والحكم " (1/ 8 ) : اتفق العلماء على صحته ، وتلقيه بالقبول ، وبه صدر البخاري كتابه " الصحيح " وأقامه مقام الخطبة له ، إشارة منه إلى أن كلّ عمل لا يراد به وجه الله فهو باطل ، لا ثمرة له في الدنيان ولا في الآخرة ، ولهذا قال عبد الرحمن بن مهدي : لو صنفت كتابا في الأبواب لجعلت حديث عمر بن الخطاب في الأعمال بالنية في كل باب .
وهذا الحديث أحد الأحاديث التي يدور الدين عليها فرُوىَ عن الشافعي ، أنه قال : هذا الحديث ثلث العلم ويدخل في سبعين باباً من الفقه .
الفوائد والدروس التربوية المستقاة من هذا الحديث :
عند تأمل هذه الحديث ، وكلام أهل العلم يخرج الإنسان بفوائد ودروس تربوية جمة من ذلك :
1ـ أهمية الخطابة في المجال التربوي :
فهذا الحديث نقل إلينا عن طريق الخطبة ، فأمير المؤمنين قاله على المنبر تأسياً في ذلك برسول الله صلى الله عليه وسلم ، مما يدل على أن أسلوب الخطابة أسلوب لا يستغني عنه المربي ، فهو من الأساليب التبليغية ، فيلجأ إليه في ميادين شتى ، فعندما يكون هناك جمع حافل في المسجد ، أو أحد محاضن التربية ، أو في مجتمعات الناس ، ونواديهم ، ويريد أن يوصل إليهم أفكار تربوية ففي هذه الحالة يلجأ إلى الخطابة ؛ لما يرجى أن تحدثه من تأثير فوري في المستمعين ؛ شريطة أن يعطيها من الاهتمام بها والاستعداد لها .
ولأهمية الخطابة في الدين الإسلامي نجد أن كثيراً من أساسية هذا الدين نقلت إلينا عن طريق الخطابة ، ومما يبين أهمية الخطب لدى الشارع الحكيم أمر بالحضور إليها والإنصات والاستماع وأخذ الزينة لها كخطبة الجمعة والعيدين .
2ـ أهمية اتصاف المربي بالإخلاص والصدق :
فالمربي الناجح هو من يتصف بصفات ووسائل النجاح ، وأهم هذه الصفات الصدق والإخلاص فلا بد أن يكون صادقً النية ، ومخلصاً العمل لله سبحانه .
قال الله عز وجل (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ )) " سورة التوبة - الآية : 119 ".
فالكثيرون يحصر الصدق بصدق اللسان بالقول فحسب ، مع أن الصدق أوسع من ذلك فهو منهج عام ، وسمت من سمات الشخصية المسلمة في ظاهره وباطنه ، وقوله وفعله ، والمربي المسلم له قصب السبق في ذلك ، ومما يخص المربي في ذلك المفردات التالية :
أ ) ـ الصدق والإخلاص في التدين :
فالمربي يجب أن يكون تدينه تديناً صحيحاً مبنياً على الإخلاص والصدق مع الله عز وجل بعيداً عن النفاق والكذب والمخادعة ، انقياداً ظاهراً وباطناً ، في السر والعلن ، ولهذا كثيراً ما نرى في القرآن الكريم إطلاق الصدق مقابل النفاق ، قال عز من قائل : (( لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا )) " سورة الأحزاب الآية : 24 " .
ب ) ـ الصدق والإخلاص في العمل ، والتربية :
قال الله عز وجل : (( فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا )) " " الكهف ، الآية : 110 " . وقوله : (( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا )) " الملك ، الآية : 2 " . قال الفضيل بن عياض : أيكم أحسن عملاً ، أي : أخلصه وأصوبه .
فليكن ما تقوم به من أعمال في تربية النشء خالصة لوجه الله سبحانه ، بعيدة عن الرياء والسمعة ، فالتربية شأنها شأن سائر العبادات الشرعية ؛ فلذا لا بد من إحاطتها بسياج الضوابط الشرعية ، بعيداً عن كل ما فيه تجاوز لتلك السياج .
قال داود الطائي : رأيت الخير كله إنما يجمعه حسن النية ، وكفاك بها خيراً وإن لم تصب .
وإخلاص النية تحتاج من المربي إلى جهد ومتابعة قال سفيان الثوري : ما عالجت شيئاً أشد عليّ من نيتي لأنها تتقلب عليّ .
فعلى المربي أن يكون صادقاً في حمل دعوته ، ماضياً قدماً في ذلك ، جاعلاً الصدق في القول والعمل منهجاً وشعاراً .
3ـ أهمية تغير البيئة ، والانتقال إلى بيئة أفضل :
فمن الوسائل التي تساعد على نجاح التربية ، لا سيما على المتربي تغير البيئة التي هو فيها إن كانت تحول بينه وبين التدين والالتزام إلى بيئة أفضل أمناً وصلاحاً ، فقوله صلى الله عليه وسلم : " فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها ، أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه " . يشمع جميع أقسام الهجرة من الفرار بالدين من أرض الكفر إلى أرض الإسلام ، أو من أرض الخوف إلى أرض الأمان ؛ كما أشار إلى ذلك ابن حجر في " الفتح " (1/16) .
ومن ذلك حديث أبي سعيد الخدري في " حديث الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفساً " ، وفيه فُدل على رجل عالم فقال : إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة ؟ فقال : نعم ومن يحول بينه وبين التوبة ؟ انطلق إلى أرض كذا وكذا فإن بها أناساً يعبدون الله فاعبد الله معهم ، ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء فانطلق حتى إذا نصف الطريق ....... الحديث " أخرجه مسلم ح 2766.
فالمربي قد يكون بين أوساط مجتمع نفعه وثمرته محدوداً ومحصوراً فيهم ؛ لعدم قابليتهم لطروحاته التربوية ؛ إما جهلاً أو حسداً ، أو ضعفاً في مستواهم العلمي والثقافي ، فيرى أن ليس هناك جدوى في البقاء عندهم ؛ بل قد يجد منهم أذى ومضايقة ، فهنا الأحسن له ولطرواحته أن ينتقل إلى بيئة يجد من أهلها قبولاً وترحيباً ؛ فبقاه في بيئته الأولى مضيعة لوقته وجهده هذا إذا سلم من أذاهم ، فهذا هو ما حصل للنبي صلى الله عليه وسلم مع أهل مكة فبعد مدة ثلاثة عشر عاماً فقدم كل ما يستطيعه لهدايتهم جاءه الإذن من الله سبحانه أن ينتقل إلى المدينة النبوية فهناك وجد قبولاً ونجاحاً لدعوته صلى الله عليه وسلم .
4ـ أهمية معرفة حكم الفعل قبل الإقدام عليه أو الأمر به أو النهي عنه :
قال ابن حجر في " فتح الباري " (1/18) : واستدل بهذا الحديث على أنه لا يجوز الإقدام على العمل قبل معرفة الحكم ؛ لأن فيه أن العمل يكون منتفياً إذا خلا عن النية ، ولا يصح نية فعل الشيء إلا بعد معرفة حكمه .
فكثير من الطروحات التي جنح بها أصحابها عن جادة الصواب ناتجة من قلة علمهم بحكمها ، ولأهمية معرفة الحكم قبل الإقدام عليه نجد النبي صلى الله عليه وسلم ينتظر الساعات بل الأيام الطوال ـ كما في قصة الإفك ـ قبل أن يقدم على العمل .
فمتى ما التزم المربي بذلك قل خطؤه ، وصح عمله ، وتكون تربيته على نور من الله إذا اتبع منهج المربي الأول صلى الله عليه وسلم ، قال الله تعالى : { قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} " سورة يوسف ، أية 108".
5ـ التنبه إلى خطر الدنيا ، وزينتها لا سيما المرأة لشدة خطرها :
إن هذه الحياة الدنيا حلوة خضرة تحمل بين طياتها فتناً ومغرياتٍ ومثيراتٍ : فتنة المال ، والنساء ، وجنون الرياسة والإمارة والسلطة .........
ولهذا أعلنها النبي صلى الله عليه وسلم بوضوح بقوله : " أبشروا وأملوا ما يسركم ؛ فوالله لا الفقر أخشى عليكم ، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم ؛ فتنافسوها كما تنافسوها ، وتهلككم كما أهلكتهم " أخرجه البخاري ح 2998، ومسلم ح2961من حديث عمرو بن عوف .
وهذا واضح في قوله : " فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها ، أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه " .
ويكن أثر ذلك على المربي وكذا المتربي إذ كان عمله الذي يزاوله في التربية للدنيا من حصول منفعة ، أو دفع مضرة ، ولم ينو فيه لله سبحانه نية طيبة فيخسر الأجر والمثوبة على فعله ؛ إذ أن من شروط قبول العمل : الإخلاص والموافقة .
ومن أثر الدنيا وملذاتها على المربي على طروحاته فقد يجنح بها عن جادة الصواب لنيل شيء من هذه الملذات .
قال ابن القيم : كل من آثر الدنيا من أهل العلم واستحبها ، فلا بد أن يقول على الله غير الحق في فتواه وحكمه ، في خبره وإلزامه ؛ لأن أحكام الرب سبحانه كثيراً ما تأتي على خلاف أغراض الناس ، ولا سيما أهل الرياسة والذين يتبعون الشبهات فإنهم لا تتمُّ لهم أغراضهم إلا بمخالفة الحق ودفعه كثيراً ، فإذا كان العالم ، والحاكم محبين للرياسة ، متبعين للشهوات لم يتم لهما ذلك إلا بدفع ما يضاده من الحق ، ولا سيما إذا قامت له شبهة ، فتتفق الشبهة ، والشهوة ، ويثور الهوى ، فيخفى الصواب ، وينطمس وجه الحق .
ويظهر ذلك جلياً ما رواه كعب بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم قال : " ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال ، والشرف لدينه " . رواه أحمد والترمذي .
وقد أشار إلى ذلك ممن أصيب بلوثة بعقله ، وهو المعري بقوله :
لولا التنافس في الدنيا لما وضعت *** كتب التناظر لا المغني ولا العمد *
ولأثر الدنيا على الإنسان ؛ إما جنوحاً أو إخماداً هرع جحافل كفار قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لعرض عليه أسس هذه الحياة الدنيا وزينتها : إما مالاً لكي يكون أغنى رجل بمكة ، أو تزويجه مما أراد من النساء شريطة أن يتخلى عن رسالته ودعوته فيعرض عن ذلك كله.
ومن أثر مخالطة الدنيا للمربي الدعة والكسل والخمول ، وقلة النشاط والحماس في مهمته التربية ، ومن ثم يقل إنتاجه وأثره مع ضعف وسطحية في الطرح .
وتخصيص النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة في هذا الحديث تأكيداً على شدة خطرها وفتنتها للرجل.
قال ابن حجر في " فتح الباري " (1/17) : وسر الاهتمام بالمرأة الزيادة في التحذير ؛ لأن الافتتان بها أشد .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
أقتباس من طرف عبد الرحمن سلطي الحريري
" أهمية الإخلاص في العمل التربوي "
عن علقمة بن وقاص الليثي يقول : سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرىء ما نوى فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها ، أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه " أخرجه البخاري ح 1، ومسلم ح 907" .
مكانة هذا الحديث عند أهل العلم :
قبل ما نقوم بذكر الفوائد والدروس التربوية المستقاة من هذا الحديث نعرج على مكانة هذا الحديث عند أهل العلم :
قال ابن رجب في " جامع العلوم والحكم " (1/ 8 ) : اتفق العلماء على صحته ، وتلقيه بالقبول ، وبه صدر البخاري كتابه " الصحيح " وأقامه مقام الخطبة له ، إشارة منه إلى أن كلّ عمل لا يراد به وجه الله فهو باطل ، لا ثمرة له في الدنيان ولا في الآخرة ، ولهذا قال عبد الرحمن بن مهدي : لو صنفت كتابا في الأبواب لجعلت حديث عمر بن الخطاب في الأعمال بالنية في كل باب .
وهذا الحديث أحد الأحاديث التي يدور الدين عليها فرُوىَ عن الشافعي ، أنه قال : هذا الحديث ثلث العلم ويدخل في سبعين باباً من الفقه .
الفوائد والدروس التربوية المستقاة من هذا الحديث :
عند تأمل هذه الحديث ، وكلام أهل العلم يخرج الإنسان بفوائد ودروس تربوية جمة من ذلك :
1ـ أهمية الخطابة في المجال التربوي :
فهذا الحديث نقل إلينا عن طريق الخطبة ، فأمير المؤمنين قاله على المنبر تأسياً في ذلك برسول الله صلى الله عليه وسلم ، مما يدل على أن أسلوب الخطابة أسلوب لا يستغني عنه المربي ، فهو من الأساليب التبليغية ، فيلجأ إليه في ميادين شتى ، فعندما يكون هناك جمع حافل في المسجد ، أو أحد محاضن التربية ، أو في مجتمعات الناس ، ونواديهم ، ويريد أن يوصل إليهم أفكار تربوية ففي هذه الحالة يلجأ إلى الخطابة ؛ لما يرجى أن تحدثه من تأثير فوري في المستمعين ؛ شريطة أن يعطيها من الاهتمام بها والاستعداد لها .
ولأهمية الخطابة في الدين الإسلامي نجد أن كثيراً من أساسية هذا الدين نقلت إلينا عن طريق الخطابة ، ومما يبين أهمية الخطب لدى الشارع الحكيم أمر بالحضور إليها والإنصات والاستماع وأخذ الزينة لها كخطبة الجمعة والعيدين .
2ـ أهمية اتصاف المربي بالإخلاص والصدق :
فالمربي الناجح هو من يتصف بصفات ووسائل النجاح ، وأهم هذه الصفات الصدق والإخلاص فلا بد أن يكون صادقً النية ، ومخلصاً العمل لله سبحانه .
قال الله عز وجل (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ )) " سورة التوبة - الآية : 119 ".
فالكثيرون يحصر الصدق بصدق اللسان بالقول فحسب ، مع أن الصدق أوسع من ذلك فهو منهج عام ، وسمت من سمات الشخصية المسلمة في ظاهره وباطنه ، وقوله وفعله ، والمربي المسلم له قصب السبق في ذلك ، ومما يخص المربي في ذلك المفردات التالية :
أ ) ـ الصدق والإخلاص في التدين :
فالمربي يجب أن يكون تدينه تديناً صحيحاً مبنياً على الإخلاص والصدق مع الله عز وجل بعيداً عن النفاق والكذب والمخادعة ، انقياداً ظاهراً وباطناً ، في السر والعلن ، ولهذا كثيراً ما نرى في القرآن الكريم إطلاق الصدق مقابل النفاق ، قال عز من قائل : (( لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا )) " سورة الأحزاب الآية : 24 " .
ب ) ـ الصدق والإخلاص في العمل ، والتربية :
قال الله عز وجل : (( فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا )) " " الكهف ، الآية : 110 " . وقوله : (( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا )) " الملك ، الآية : 2 " . قال الفضيل بن عياض : أيكم أحسن عملاً ، أي : أخلصه وأصوبه .
فليكن ما تقوم به من أعمال في تربية النشء خالصة لوجه الله سبحانه ، بعيدة عن الرياء والسمعة ، فالتربية شأنها شأن سائر العبادات الشرعية ؛ فلذا لا بد من إحاطتها بسياج الضوابط الشرعية ، بعيداً عن كل ما فيه تجاوز لتلك السياج .
قال داود الطائي : رأيت الخير كله إنما يجمعه حسن النية ، وكفاك بها خيراً وإن لم تصب .
وإخلاص النية تحتاج من المربي إلى جهد ومتابعة قال سفيان الثوري : ما عالجت شيئاً أشد عليّ من نيتي لأنها تتقلب عليّ .
فعلى المربي أن يكون صادقاً في حمل دعوته ، ماضياً قدماً في ذلك ، جاعلاً الصدق في القول والعمل منهجاً وشعاراً .
3ـ أهمية تغير البيئة ، والانتقال إلى بيئة أفضل :
فمن الوسائل التي تساعد على نجاح التربية ، لا سيما على المتربي تغير البيئة التي هو فيها إن كانت تحول بينه وبين التدين والالتزام إلى بيئة أفضل أمناً وصلاحاً ، فقوله صلى الله عليه وسلم : " فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها ، أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه " . يشمع جميع أقسام الهجرة من الفرار بالدين من أرض الكفر إلى أرض الإسلام ، أو من أرض الخوف إلى أرض الأمان ؛ كما أشار إلى ذلك ابن حجر في " الفتح " (1/16) .
ومن ذلك حديث أبي سعيد الخدري في " حديث الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفساً " ، وفيه فُدل على رجل عالم فقال : إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة ؟ فقال : نعم ومن يحول بينه وبين التوبة ؟ انطلق إلى أرض كذا وكذا فإن بها أناساً يعبدون الله فاعبد الله معهم ، ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء فانطلق حتى إذا نصف الطريق ....... الحديث " أخرجه مسلم ح 2766.
فالمربي قد يكون بين أوساط مجتمع نفعه وثمرته محدوداً ومحصوراً فيهم ؛ لعدم قابليتهم لطروحاته التربوية ؛ إما جهلاً أو حسداً ، أو ضعفاً في مستواهم العلمي والثقافي ، فيرى أن ليس هناك جدوى في البقاء عندهم ؛ بل قد يجد منهم أذى ومضايقة ، فهنا الأحسن له ولطرواحته أن ينتقل إلى بيئة يجد من أهلها قبولاً وترحيباً ؛ فبقاه في بيئته الأولى مضيعة لوقته وجهده هذا إذا سلم من أذاهم ، فهذا هو ما حصل للنبي صلى الله عليه وسلم مع أهل مكة فبعد مدة ثلاثة عشر عاماً فقدم كل ما يستطيعه لهدايتهم جاءه الإذن من الله سبحانه أن ينتقل إلى المدينة النبوية فهناك وجد قبولاً ونجاحاً لدعوته صلى الله عليه وسلم .
4ـ أهمية معرفة حكم الفعل قبل الإقدام عليه أو الأمر به أو النهي عنه :
قال ابن حجر في " فتح الباري " (1/18) : واستدل بهذا الحديث على أنه لا يجوز الإقدام على العمل قبل معرفة الحكم ؛ لأن فيه أن العمل يكون منتفياً إذا خلا عن النية ، ولا يصح نية فعل الشيء إلا بعد معرفة حكمه .
فكثير من الطروحات التي جنح بها أصحابها عن جادة الصواب ناتجة من قلة علمهم بحكمها ، ولأهمية معرفة الحكم قبل الإقدام عليه نجد النبي صلى الله عليه وسلم ينتظر الساعات بل الأيام الطوال ـ كما في قصة الإفك ـ قبل أن يقدم على العمل .
فمتى ما التزم المربي بذلك قل خطؤه ، وصح عمله ، وتكون تربيته على نور من الله إذا اتبع منهج المربي الأول صلى الله عليه وسلم ، قال الله تعالى : { قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} " سورة يوسف ، أية 108".
5ـ التنبه إلى خطر الدنيا ، وزينتها لا سيما المرأة لشدة خطرها :
إن هذه الحياة الدنيا حلوة خضرة تحمل بين طياتها فتناً ومغرياتٍ ومثيراتٍ : فتنة المال ، والنساء ، وجنون الرياسة والإمارة والسلطة .........
ولهذا أعلنها النبي صلى الله عليه وسلم بوضوح بقوله : " أبشروا وأملوا ما يسركم ؛ فوالله لا الفقر أخشى عليكم ، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم ؛ فتنافسوها كما تنافسوها ، وتهلككم كما أهلكتهم " أخرجه البخاري ح 2998، ومسلم ح2961من حديث عمرو بن عوف .
وهذا واضح في قوله : " فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها ، أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه " .
ويكن أثر ذلك على المربي وكذا المتربي إذ كان عمله الذي يزاوله في التربية للدنيا من حصول منفعة ، أو دفع مضرة ، ولم ينو فيه لله سبحانه نية طيبة فيخسر الأجر والمثوبة على فعله ؛ إذ أن من شروط قبول العمل : الإخلاص والموافقة .
ومن أثر الدنيا وملذاتها على المربي على طروحاته فقد يجنح بها عن جادة الصواب لنيل شيء من هذه الملذات .
قال ابن القيم : كل من آثر الدنيا من أهل العلم واستحبها ، فلا بد أن يقول على الله غير الحق في فتواه وحكمه ، في خبره وإلزامه ؛ لأن أحكام الرب سبحانه كثيراً ما تأتي على خلاف أغراض الناس ، ولا سيما أهل الرياسة والذين يتبعون الشبهات فإنهم لا تتمُّ لهم أغراضهم إلا بمخالفة الحق ودفعه كثيراً ، فإذا كان العالم ، والحاكم محبين للرياسة ، متبعين للشهوات لم يتم لهما ذلك إلا بدفع ما يضاده من الحق ، ولا سيما إذا قامت له شبهة ، فتتفق الشبهة ، والشهوة ، ويثور الهوى ، فيخفى الصواب ، وينطمس وجه الحق .
ويظهر ذلك جلياً ما رواه كعب بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم قال : " ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال ، والشرف لدينه " . رواه أحمد والترمذي .
وقد أشار إلى ذلك ممن أصيب بلوثة بعقله ، وهو المعري بقوله :
لولا التنافس في الدنيا لما وضعت *** كتب التناظر لا المغني ولا العمد *
ولأثر الدنيا على الإنسان ؛ إما جنوحاً أو إخماداً هرع جحافل كفار قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لعرض عليه أسس هذه الحياة الدنيا وزينتها : إما مالاً لكي يكون أغنى رجل بمكة ، أو تزويجه مما أراد من النساء شريطة أن يتخلى عن رسالته ودعوته فيعرض عن ذلك كله.
ومن أثر مخالطة الدنيا للمربي الدعة والكسل والخمول ، وقلة النشاط والحماس في مهمته التربية ، ومن ثم يقل إنتاجه وأثره مع ضعف وسطحية في الطرح .
وتخصيص النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة في هذا الحديث تأكيداً على شدة خطرها وفتنتها للرجل.
قال ابن حجر في " فتح الباري " (1/17) : وسر الاهتمام بالمرأة الزيادة في التحذير ؛ لأن الافتتان بها أشد .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
إبراهيم بن محمد السعوي
القصيم ـ بريدة
ams2041@naseej.com
"
عن علقمة بن وقاص الليثي يقول : سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرىء ما نوى فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها ، أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه " أخرجه البخاري ح 1، ومسلم ح 907" .
مكانة هذا الحديث عند أهل العلم :
قبل ما نقوم بذكر الفوائد والدروس التربوية المستقاة من هذا الحديث نعرج على مكانة هذا الحديث عند أهل العلم :
قال ابن رجب في " جامع العلوم والحكم " (1/ 8 ) : اتفق العلماء على صحته ، وتلقيه بالقبول ، وبه صدر البخاري كتابه " الصحيح " وأقامه مقام الخطبة له ، إشارة منه إلى أن كلّ عمل لا يراد به وجه الله فهو باطل ، لا ثمرة له في الدنيان ولا في الآخرة ، ولهذا قال عبد الرحمن بن مهدي : لو صنفت كتابا في الأبواب لجعلت حديث عمر بن الخطاب في الأعمال بالنية في كل باب .
وهذا الحديث أحد الأحاديث التي يدور الدين عليها فرُوىَ عن الشافعي ، أنه قال : هذا الحديث ثلث العلم ويدخل في سبعين باباً من الفقه .
الفوائد والدروس التربوية المستقاة من هذا الحديث :
عند تأمل هذه الحديث ، وكلام أهل العلم يخرج الإنسان بفوائد ودروس تربوية جمة من ذلك :
1ـ أهمية الخطابة في المجال التربوي :
فهذا الحديث نقل إلينا عن طريق الخطبة ، فأمير المؤمنين قاله على المنبر تأسياً في ذلك برسول الله صلى الله عليه وسلم ، مما يدل على أن أسلوب الخطابة أسلوب لا يستغني عنه المربي ، فهو من الأساليب التبليغية ، فيلجأ إليه في ميادين شتى ، فعندما يكون هناك جمع حافل في المسجد ، أو أحد محاضن التربية ، أو في مجتمعات الناس ، ونواديهم ، ويريد أن يوصل إليهم أفكار تربوية ففي هذه الحالة يلجأ إلى الخطابة ؛ لما يرجى أن تحدثه من تأثير فوري في المستمعين ؛ شريطة أن يعطيها من الاهتمام بها والاستعداد لها .
ولأهمية الخطابة في الدين الإسلامي نجد أن كثيراً من أساسية هذا الدين نقلت إلينا عن طريق الخطابة ، ومما يبين أهمية الخطب لدى الشارع الحكيم أمر بالحضور إليها والإنصات والاستماع وأخذ الزينة لها كخطبة الجمعة والعيدين .
2ـ أهمية اتصاف المربي بالإخلاص والصدق :
فالمربي الناجح هو من يتصف بصفات ووسائل النجاح ، وأهم هذه الصفات الصدق والإخلاص فلا بد أن يكون صادقً النية ، ومخلصاً العمل لله سبحانه .
قال الله عز وجل (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ )) " سورة التوبة - الآية : 119 ".
فالكثيرون يحصر الصدق بصدق اللسان بالقول فحسب ، مع أن الصدق أوسع من ذلك فهو منهج عام ، وسمت من سمات الشخصية المسلمة في ظاهره وباطنه ، وقوله وفعله ، والمربي المسلم له قصب السبق في ذلك ، ومما يخص المربي في ذلك المفردات التالية :
أ ) ـ الصدق والإخلاص في التدين :
فالمربي يجب أن يكون تدينه تديناً صحيحاً مبنياً على الإخلاص والصدق مع الله عز وجل بعيداً عن النفاق والكذب والمخادعة ، انقياداً ظاهراً وباطناً ، في السر والعلن ، ولهذا كثيراً ما نرى في القرآن الكريم إطلاق الصدق مقابل النفاق ، قال عز من قائل : (( لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا )) " سورة الأحزاب الآية : 24 " .
ب ) ـ الصدق والإخلاص في العمل ، والتربية :
قال الله عز وجل : (( فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا )) " " الكهف ، الآية : 110 " . وقوله : (( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا )) " الملك ، الآية : 2 " . قال الفضيل بن عياض : أيكم أحسن عملاً ، أي : أخلصه وأصوبه .
فليكن ما تقوم به من أعمال في تربية النشء خالصة لوجه الله سبحانه ، بعيدة عن الرياء والسمعة ، فالتربية شأنها شأن سائر العبادات الشرعية ؛ فلذا لا بد من إحاطتها بسياج الضوابط الشرعية ، بعيداً عن كل ما فيه تجاوز لتلك السياج .
قال داود الطائي : رأيت الخير كله إنما يجمعه حسن النية ، وكفاك بها خيراً وإن لم تصب .
وإخلاص النية تحتاج من المربي إلى جهد ومتابعة قال سفيان الثوري : ما عالجت شيئاً أشد عليّ من نيتي لأنها تتقلب عليّ .
فعلى المربي أن يكون صادقاً في حمل دعوته ، ماضياً قدماً في ذلك ، جاعلاً الصدق في القول والعمل منهجاً وشعاراً .
3ـ أهمية تغير البيئة ، والانتقال إلى بيئة أفضل :
فمن الوسائل التي تساعد على نجاح التربية ، لا سيما على المتربي تغير البيئة التي هو فيها إن كانت تحول بينه وبين التدين والالتزام إلى بيئة أفضل أمناً وصلاحاً ، فقوله صلى الله عليه وسلم : " فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها ، أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه " . يشمع جميع أقسام الهجرة من الفرار بالدين من أرض الكفر إلى أرض الإسلام ، أو من أرض الخوف إلى أرض الأمان ؛ كما أشار إلى ذلك ابن حجر في " الفتح " (1/16) .
ومن ذلك حديث أبي سعيد الخدري في " حديث الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفساً " ، وفيه فُدل على رجل عالم فقال : إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة ؟ فقال : نعم ومن يحول بينه وبين التوبة ؟ انطلق إلى أرض كذا وكذا فإن بها أناساً يعبدون الله فاعبد الله معهم ، ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء فانطلق حتى إذا نصف الطريق ....... الحديث " أخرجه مسلم ح 2766.
فالمربي قد يكون بين أوساط مجتمع نفعه وثمرته محدوداً ومحصوراً فيهم ؛ لعدم قابليتهم لطروحاته التربوية ؛ إما جهلاً أو حسداً ، أو ضعفاً في مستواهم العلمي والثقافي ، فيرى أن ليس هناك جدوى في البقاء عندهم ؛ بل قد يجد منهم أذى ومضايقة ، فهنا الأحسن له ولطرواحته أن ينتقل إلى بيئة يجد من أهلها قبولاً وترحيباً ؛ فبقاه في بيئته الأولى مضيعة لوقته وجهده هذا إذا سلم من أذاهم ، فهذا هو ما حصل للنبي صلى الله عليه وسلم مع أهل مكة فبعد مدة ثلاثة عشر عاماً فقدم كل ما يستطيعه لهدايتهم جاءه الإذن من الله سبحانه أن ينتقل إلى المدينة النبوية فهناك وجد قبولاً ونجاحاً لدعوته صلى الله عليه وسلم .
4ـ أهمية معرفة حكم الفعل قبل الإقدام عليه أو الأمر به أو النهي عنه :
قال ابن حجر في " فتح الباري " (1/18) : واستدل بهذا الحديث على أنه لا يجوز الإقدام على العمل قبل معرفة الحكم ؛ لأن فيه أن العمل يكون منتفياً إذا خلا عن النية ، ولا يصح نية فعل الشيء إلا بعد معرفة حكمه .
فكثير من الطروحات التي جنح بها أصحابها عن جادة الصواب ناتجة من قلة علمهم بحكمها ، ولأهمية معرفة الحكم قبل الإقدام عليه نجد النبي صلى الله عليه وسلم ينتظر الساعات بل الأيام الطوال ـ كما في قصة الإفك ـ قبل أن يقدم على العمل .
فمتى ما التزم المربي بذلك قل خطؤه ، وصح عمله ، وتكون تربيته على نور من الله إذا اتبع منهج المربي الأول صلى الله عليه وسلم ، قال الله تعالى : { قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} " سورة يوسف ، أية 108".
5ـ التنبه إلى خطر الدنيا ، وزينتها لا سيما المرأة لشدة خطرها :
إن هذه الحياة الدنيا حلوة خضرة تحمل بين طياتها فتناً ومغرياتٍ ومثيراتٍ : فتنة المال ، والنساء ، وجنون الرياسة والإمارة والسلطة .........
ولهذا أعلنها النبي صلى الله عليه وسلم بوضوح بقوله : " أبشروا وأملوا ما يسركم ؛ فوالله لا الفقر أخشى عليكم ، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم ؛ فتنافسوها كما تنافسوها ، وتهلككم كما أهلكتهم " أخرجه البخاري ح 2998، ومسلم ح2961من حديث عمرو بن عوف .
وهذا واضح في قوله : " فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها ، أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه " .
ويكن أثر ذلك على المربي وكذا المتربي إذ كان عمله الذي يزاوله في التربية للدنيا من حصول منفعة ، أو دفع مضرة ، ولم ينو فيه لله سبحانه نية طيبة فيخسر الأجر والمثوبة على فعله ؛ إذ أن من شروط قبول العمل : الإخلاص والموافقة .
ومن أثر الدنيا وملذاتها على المربي على طروحاته فقد يجنح بها عن جادة الصواب لنيل شيء من هذه الملذات .
قال ابن القيم : كل من آثر الدنيا من أهل العلم واستحبها ، فلا بد أن يقول على الله غير الحق في فتواه وحكمه ، في خبره وإلزامه ؛ لأن أحكام الرب سبحانه كثيراً ما تأتي على خلاف أغراض الناس ، ولا سيما أهل الرياسة والذين يتبعون الشبهات فإنهم لا تتمُّ لهم أغراضهم إلا بمخالفة الحق ودفعه كثيراً ، فإذا كان العالم ، والحاكم محبين للرياسة ، متبعين للشهوات لم يتم لهما ذلك إلا بدفع ما يضاده من الحق ، ولا سيما إذا قامت له شبهة ، فتتفق الشبهة ، والشهوة ، ويثور الهوى ، فيخفى الصواب ، وينطمس وجه الحق .
ويظهر ذلك جلياً ما رواه كعب بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم قال : " ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال ، والشرف لدينه " . رواه أحمد والترمذي .
وقد أشار إلى ذلك ممن أصيب بلوثة بعقله ، وهو المعري بقوله :
لولا التنافس في الدنيا لما وضعت *** كتب التناظر لا المغني ولا العمد *
ولأثر الدنيا على الإنسان ؛ إما جنوحاً أو إخماداً هرع جحافل كفار قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لعرض عليه أسس هذه الحياة الدنيا وزينتها : إما مالاً لكي يكون أغنى رجل بمكة ، أو تزويجه مما أراد من النساء شريطة أن يتخلى عن رسالته ودعوته فيعرض عن ذلك كله.
ومن أثر مخالطة الدنيا للمربي الدعة والكسل والخمول ، وقلة النشاط والحماس في مهمته التربية ، ومن ثم يقل إنتاجه وأثره مع ضعف وسطحية في الطرح .
وتخصيص النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة في هذا الحديث تأكيداً على شدة خطرها وفتنتها للرجل.
قال ابن حجر في " فتح الباري " (1/17) : وسر الاهتمام بالمرأة الزيادة في التحذير ؛ لأن الافتتان بها أشد .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
أقتباس من طرف عبد الرحمن سلطي الحريري
عبد الرحمن سلطي الحريري- عدد المساهمات : 65
نقاط : 191
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 03/12/2009
العمر : 39
الموقع : بصر الحرير- مشرف
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الخميس أغسطس 02, 2012 10:47 am من طرف بنت ازرع
» ملخص وتذكرة بسيطة عن مدينة بصر الحرير ....
الأربعاء يوليو 04, 2012 11:07 am من طرف بنت ازرع
» عاجل بصر الحرير البطلة
الجمعة يونيو 22, 2012 2:37 am من طرف بنت ازرع
» قصف مدينة بصر الحرير بالهاون
الأحد يونيو 17, 2012 2:10 am من طرف بنت ازرع
» حوران منتصف النهار آخر الاحداث
الأحد يونيو 17, 2012 2:03 am من طرف بنت ازرع
» عاجل من بصر الحرير حفظها الله
الخميس يونيو 14, 2012 10:42 am من طرف بنت ازرع
» اوطى قمة بالعالم لموسوعة جنيس
الخميس مايو 03, 2012 5:43 am من طرف بنت ازرع
» شهداء الفزعة لكي لا ننسى رحمكم الله
الخميس مايو 03, 2012 5:38 am من طرف بنت ازرع
» عمل خاص حوران بصرالحریر
الأحد أبريل 29, 2012 12:02 am من طرف بنت ازرع