بحـث
مواضيع مماثلة
المواضيع الأخيرة
هجرات السادة الحريرية ومواطنهم (1)
صفحة 1 من اصل 1
هجرات السادة الحريرية ومواطنهم (1)
هجرات السادة الحريرية ومواطنهم
هجرة السيد حسن رفاعة المكي إلى الأندلس سنة 317 هـ/929م:
في سنة 317 هـ/929م ارتحل السيد حسن رفاعة بن المهدي بن محمد بن حسن القاسم من مكة ميمماً نحو الغرب، وذلك في عهد الخليفة العباسي المقتدر بالله،([1]) فراراً من القرامطة الذين عاثوا الفساد في الأرض؛ حيث قام زعيمهم أبو طاهر سليمان الجنابي باستهداف قوافل الحج القادمة من العراق عدة سنوات، كما هاجم البصرة والكوفة والأنبار واستباحها بعد أن قضى على الحامية العباسية فيها، وفي سنة 317 هـ/929م فعل أبو طاهر ماهو أشنع وأدهى من ذلك حيث سار بجنده إلى مكة فوافاها يوم التروية، فنهب أموال الحجاج وقتلهم في المسجد الحرام وقلع الحجر الأسود وأنفذه إلى هجر، فخرج إليه أمير مكة في جماعة من الأشراف فقاتلوه فقتلهم أجمعين وقلع باب البيت وطرح القتلى في بئر زمزم، ثم أخذ كسوة البيت فقسمها بين أصحابه ونهب دور أهل مكة.([2])
ونظراً لقيام القرامطة بقتل ابن محارب واستهدافهم لأشراف مكة بصورة خاصة، فقد ارتحل السيد الحسيب النسيب حسن رفاعة المكي متجهاً نحو الأندلس حيث حط رحاله في مدينة إشبيلية في العام نفسه، واستقر بها حتى وفاته سنة 331هـ/942م، وكانت الأوضاع في الأندلس أفضل مما هي عليه في الحجاز والعراق، حيث كان عبد الرحمن الناصر قد أعلن تأسيس الخلافة فيها سنة 316 هـ/928م، ونجح بفضل سياسته الحازمة وذكائه في القضاء على الفتن الداخلية وتحقيق الأمن والازدهار،([3]) وبرزت مدينة إشبيلية بين سائر المدن الأندلسية بمكانتها العلمية والثقافية، حيث وصفها المقري في نفح الطيب بقوله:
“إنها قاعدة بلاد الأندلس وحاضرتها ومدينة الأدب.. وهي على ضفة النهر الكبير، عظيمة الشان طيبة المكان، لها البر المديد والبحر الساكن، والوادي العظيم، وهي قريبة من البحر المحيط.. وقال ابن مفلح: إن إشبيلية عروس بلاد الأندلس”.([4])
وفي أثناء إقامته في إشبيلية أعقب السيد حسن رفاعة المكي،([5]) السيد الحسيب النسيب علي المكي،([6]) وأعقب علي المكي خمسة أبناء هم: رفاعة وكنانة وخزاع وغالب، وأحمد المرتضى،([7]) الذي أعقب من ابنه السيد الحازم،([8]) ثلاثة أبناء هم: عبد الله المدني وحسن ومحمد عسله.([9])
هجرة السيد حسن بن محمد عسله إلى العراق سنة 450 هـ/1058م:
تدهورت الأوضاع السياسية والاقتصادية في الأندلس خلال القرن الخامس الهجري، إثر انهيار دولة الخلافة وقيام عهد الطوائف (400-484هـ/ 1009-1091م)، فقامت مجموعة “ممالك” أو دويلات يحكم كل منها أمير مستقل عن غيره من الأمراء، بلغت في مجموعها عشرين إمارة، واندلع الصراع بين هذه الإمارات التي بدأت تسقط الواحدة تلو الأخرى بيد النصارى،([10]) ونتيجة لذلك فقد تدهورت الأوضاع الأمنية في إشبيلية حيث هاجرت مجموعة من الأشراف خلال النصف الثاني من القرن الخامس الهجري، نحو الشرق، وكان من ضمنهم الحسيب النسيب السيد حسن بن محمد عسله،([11]) الذي نزل في مدينة البصرة وتوفي بها سنة 487 هـ.([12])
وكانت أوضاع العراق مستقرة خلال تلك الفترة بفضل هيمنة السلاجقة وتغلبهم على البويهيين، في عهد الخليفة العباسي القائم بأمر الله، فأعادوا للخلافة هيبتها، وتمكنوا من القضاء على الفتن والقلاقل التي ظهرت في نهاية حكم البويهيين، وتحسنت الأوضاع الاقتصادية فيها مما دفع بالخليفة العباسي المقتدي بأمر الله أن يأمر (467-487هـ/1074-1094م) بإسقاط المكوس والضرائب، وتشييد المدارس وحفر الآبار، وكانت أيامه كثيرة الخير واسعة الرزق وعظمت الخلافة أكثر مما كان من قبله، وكان سلطان السلاجقة في عهده ملكشاه الذي تولى بعد أبيه ألب أرسلان.([13])
هجرة السيد علي برهان الدين الحريري إلى الشام في مطلع القرن السابع الهجري:
تعود قصة آل الحريري إلى مطلع القرن السابع الهجري، حيث ينسبون إلى جدهم علي برهان الدين أبي النصر الحريري (ت 620هـ/1223م)، وهو ابن عبد المحسن (ت 629هـ/1231م)،([14]) بن عبد الرحيم (ت 604هـ/1207م) بن سيف الدين عثمان (ت 550هـ/1155م)، بن حسن (ت 487هـ/1094م) المهاجر من إشبيلية بالمغرب إلى البصرة، وقد لقب علي برهان الدين بالحريري نسبة إلى منطقة حرير من أعمال البصرة، وقد ارتحل في تلك الفترة مهاجراً إلى الشام طلباً للأمن والاستقرار، حيث كانت الدولة العباسية تمر بمرحلة من الانحدار في عهد الناصر لدين الله،([15]) حيث بدأ اجتياح التتار لشرق العالم الإسلامي؛ فأحكموا سيطرتهم على بخارى سنة 616هـ/1219م، ثم سقطت على إثرها سمرقند سنة 617 هـ/1220م، وأخذت الممالك الشرقية تتهاوى أمام الغزو المغولي، في حين كان الخليفة العباسي الناصر ممعناً في اللهو، حيث تحدثت المصادر التاريخية عن استحداثه للمظالم واستيلائه على أموال الناس وأملاكهم، وكذلك عن ولعه بصيد الطيور ورمي البندق وغيرها من الملاهي،([16]) وكانت الدولة العباسية تعيش أيامها الأخيرة قبل سقوطها بيد التتار سنة 656 هـ/1258م، ونتيجة لهذا التدهور السياسي والاقتصادي فقد بدأت موجة هجرات جديدة للسادة في العراق متجهين نحو الحجاز والشام واليمن، طلباً للأمن والاستقرار، وكان ممن ارتحل منهم متجهاً نحو الشام الشيخ علي برهان الدين أبو النصر الحريري الذي غادر موطنه في قرية حرير من عوامل البصرة، ونزل في بصر حوران، وأقام فيها حتى وفاته سنة 620 هـ/1223م رحمه الله، وأعقب فيها ذرية انتشرت في مدينة بصر وفي العديد من قرى حوران، ونظراً لغلبة أبنائه وذريته في بصر فقد أضيف لقبه “الحريري”، إلى مدينة بصر إليه فاصطلح الناس على تسميتها منذ النصف الثاني من القرن السابع الهجري باسم: “بصر الحرير”، وكان الشيخ علي برهان الدين الحريري رجلاً صالحاً ورعاً تقياً،([17]) ترجم له العديد من المؤرخين، وعلى رأسهم الإمام الفاروثي الذي قال عنه في كتابه “إرشاد المسلمين”:
“وإلى السيد أبي الحسن علي ينتهي نسب آل الحريري من طريق ولده القطب الجليل السيد أبي النصر علي برهان الدين الحريري الرفاعي الكبير دفين بصر حوران بديار الشام”.([18])
وقال عنه الإمام السراج في صحاحه:
“وأما السيد علي أبو الحسن بن السيد عبد المحسن أبي الحسن علي فإنه هاجر إلى الشام وتزوج بأرضها بقرية يقال لها بصر أو بسرا، أعقب السيد يحيى النجاب ويقال له أبو القاسم والسيد صالح شمس الدين والسيد محمد بركة والسيد سليمان، فالسيد شمس الدين سكن مصر وأعقب علياً ومحمداً وشعبان، ولهم أعقاب، ومحمد بركة ابن السيد علي الحريري نزيل بصرا هذا أعقب محمداً ويوسف والسيد سليمان بن السيد علي؛ سكن قرية الأسارو من أعمال سلمية وأعقب بها إدريس وأحمد، وأما يحيى ابن السيد علي فإنه أعقب السيد علي وكان هذا من العارفين بالله … وأعقب يحيى أيضاً زين العابدين وله يونس وسرور وعابد وحوري وفياض ولكلهم عقب ببصر حوران”.([19])
وقال عنه الجمال الخطيب الحدادي الكبير:
“السيد علي بن السيد عبد المحسن أبي الحسن الحريري نزيل حوران الشام يكنيه بعض أهله وغيرهم من الشاميين بأبي الحسن ولكن كنيته الذي كناه بها أبوه: برهان الدين أبو النصر، رأيته وفاوضته فرأيت منه ديناً رصيناً، وقلباً مكيناً، ولساناً على الشرع أميناً، وطرفاً لله باكياً حزيناً”.([20])
وقد عرف الكثير من السادة الحريرية في بلاد الشام بالتقوى والزهد، وتحدثت عنهم كتب التراجم، ومنهم على سبيل المثال الشيخ أبو الحسن علي بن علي بن الحريري الذي قال عنه العلامة العيني في تاريخه “عقود الجمان”:
“كان شيخاً مشهوراً مكرماً عند الناس وله حرمة عند الدولة وعنده سعي في قضاء حوائج الناس وكان كثير التواضع سمحاً لا يدخر شيئاً، بشوش الوجه كيّساً، مات ببصر من أعمال دمشق في 27 جمادى الأولى”.([21])
وتحدث ابن كثير عن أخيه حسن بن علي الحريري، بقوله:
“توفي بقرية بصر، وكان أكبر الطائفة وللناس إليه ميل لحسن أخلاقه، وبنو الحريري بحماة من أشهر أكابر المشايخ والأشراف الكرام كثرهم الله تعالى”.([22])
وقد اهتمت الدولة العثمانية بتوثيق أنساب السادة الأشراف وتعيين رواتب لهم من خزانة الدولة، وإنشاء نقابات لهم في سائر الأقاليم والأمصار، واشتهر من السادة الحريرية في العهد العثماني عدد ممن تولى منصب القضاء والإفتاء ونقابة الأشراف في حوران وفي حماة، ومنهم الشيخ محمد الحريري الذي تولى منصب الإفتاء في حماة في مطلع القرن الثاني عشر الهجري.
واستقر بعضهم في مدينة دمشق حيث كان لهم حظوة عند ولاة الدولة العثمانية فيها، ومنهم السيد حسن بن يحيى النجاب الذي وصفه الشيخ محمد الحريري بأنه:
“كان له حظوة وشأن كبير عند ملوك الشام”.
هجرة السيد صالح شمس الدين إلى مصر في النصف الثاني من القرن السابع الهجري:
بعد أن هاجر الشيخ علي برهان الدين أبو النصر الحريري إلى الشام ونزل قرية بصر، تزوج من عائلة المفعلاني من أولاد السلطان عبد القادر الذين كانوا ساكنين قبله في مدينة بصر، فأعقب منها أربعة أبناء: الأكبر هو يحيى النجاب ويقال له أبو القاسم، ومحمد بركة، وسليمان، وكذلك صالح شمس الدين الذي هاجر إلى مصر، وسكن بها، وله فيها عقب من أولاده عليان ومحمد وشعبان.
هجرة السيد زاهد محيي الدين إلى حماة سنة 655هـ/1257م:
وفي منتصف القرن الثامن الهجري ارتحل السيد الحسيب النسيب زاهد محيي الدين بن يحيى النجاب بن علي برهان الدين أبي النصر الحريري إلى حماة سنة 655 هـ/1257م، واستقر بها حتى وفاته بها سنة 693 هـ/1293م، وقد ناهز الثمانين، ودفن بداره في حماة، وأعقب فيها مطراً وحديداً، فأما حديد فقد سكن بقرية القادر غربي حماة من أعمال كفر طاق، وأما السيد مطر فقد تولى مشيخة الحريرية الرفاعية بعد أبيه بحماة وله فيها ذرية.
هجرة السيد حسن رفاعة المكي إلى الأندلس سنة 317 هـ/929م:
في سنة 317 هـ/929م ارتحل السيد حسن رفاعة بن المهدي بن محمد بن حسن القاسم من مكة ميمماً نحو الغرب، وذلك في عهد الخليفة العباسي المقتدر بالله،([1]) فراراً من القرامطة الذين عاثوا الفساد في الأرض؛ حيث قام زعيمهم أبو طاهر سليمان الجنابي باستهداف قوافل الحج القادمة من العراق عدة سنوات، كما هاجم البصرة والكوفة والأنبار واستباحها بعد أن قضى على الحامية العباسية فيها، وفي سنة 317 هـ/929م فعل أبو طاهر ماهو أشنع وأدهى من ذلك حيث سار بجنده إلى مكة فوافاها يوم التروية، فنهب أموال الحجاج وقتلهم في المسجد الحرام وقلع الحجر الأسود وأنفذه إلى هجر، فخرج إليه أمير مكة في جماعة من الأشراف فقاتلوه فقتلهم أجمعين وقلع باب البيت وطرح القتلى في بئر زمزم، ثم أخذ كسوة البيت فقسمها بين أصحابه ونهب دور أهل مكة.([2])
ونظراً لقيام القرامطة بقتل ابن محارب واستهدافهم لأشراف مكة بصورة خاصة، فقد ارتحل السيد الحسيب النسيب حسن رفاعة المكي متجهاً نحو الأندلس حيث حط رحاله في مدينة إشبيلية في العام نفسه، واستقر بها حتى وفاته سنة 331هـ/942م، وكانت الأوضاع في الأندلس أفضل مما هي عليه في الحجاز والعراق، حيث كان عبد الرحمن الناصر قد أعلن تأسيس الخلافة فيها سنة 316 هـ/928م، ونجح بفضل سياسته الحازمة وذكائه في القضاء على الفتن الداخلية وتحقيق الأمن والازدهار،([3]) وبرزت مدينة إشبيلية بين سائر المدن الأندلسية بمكانتها العلمية والثقافية، حيث وصفها المقري في نفح الطيب بقوله:
“إنها قاعدة بلاد الأندلس وحاضرتها ومدينة الأدب.. وهي على ضفة النهر الكبير، عظيمة الشان طيبة المكان، لها البر المديد والبحر الساكن، والوادي العظيم، وهي قريبة من البحر المحيط.. وقال ابن مفلح: إن إشبيلية عروس بلاد الأندلس”.([4])
وفي أثناء إقامته في إشبيلية أعقب السيد حسن رفاعة المكي،([5]) السيد الحسيب النسيب علي المكي،([6]) وأعقب علي المكي خمسة أبناء هم: رفاعة وكنانة وخزاع وغالب، وأحمد المرتضى،([7]) الذي أعقب من ابنه السيد الحازم،([8]) ثلاثة أبناء هم: عبد الله المدني وحسن ومحمد عسله.([9])
هجرة السيد حسن بن محمد عسله إلى العراق سنة 450 هـ/1058م:
تدهورت الأوضاع السياسية والاقتصادية في الأندلس خلال القرن الخامس الهجري، إثر انهيار دولة الخلافة وقيام عهد الطوائف (400-484هـ/ 1009-1091م)، فقامت مجموعة “ممالك” أو دويلات يحكم كل منها أمير مستقل عن غيره من الأمراء، بلغت في مجموعها عشرين إمارة، واندلع الصراع بين هذه الإمارات التي بدأت تسقط الواحدة تلو الأخرى بيد النصارى،([10]) ونتيجة لذلك فقد تدهورت الأوضاع الأمنية في إشبيلية حيث هاجرت مجموعة من الأشراف خلال النصف الثاني من القرن الخامس الهجري، نحو الشرق، وكان من ضمنهم الحسيب النسيب السيد حسن بن محمد عسله،([11]) الذي نزل في مدينة البصرة وتوفي بها سنة 487 هـ.([12])
وكانت أوضاع العراق مستقرة خلال تلك الفترة بفضل هيمنة السلاجقة وتغلبهم على البويهيين، في عهد الخليفة العباسي القائم بأمر الله، فأعادوا للخلافة هيبتها، وتمكنوا من القضاء على الفتن والقلاقل التي ظهرت في نهاية حكم البويهيين، وتحسنت الأوضاع الاقتصادية فيها مما دفع بالخليفة العباسي المقتدي بأمر الله أن يأمر (467-487هـ/1074-1094م) بإسقاط المكوس والضرائب، وتشييد المدارس وحفر الآبار، وكانت أيامه كثيرة الخير واسعة الرزق وعظمت الخلافة أكثر مما كان من قبله، وكان سلطان السلاجقة في عهده ملكشاه الذي تولى بعد أبيه ألب أرسلان.([13])
هجرة السيد علي برهان الدين الحريري إلى الشام في مطلع القرن السابع الهجري:
تعود قصة آل الحريري إلى مطلع القرن السابع الهجري، حيث ينسبون إلى جدهم علي برهان الدين أبي النصر الحريري (ت 620هـ/1223م)، وهو ابن عبد المحسن (ت 629هـ/1231م)،([14]) بن عبد الرحيم (ت 604هـ/1207م) بن سيف الدين عثمان (ت 550هـ/1155م)، بن حسن (ت 487هـ/1094م) المهاجر من إشبيلية بالمغرب إلى البصرة، وقد لقب علي برهان الدين بالحريري نسبة إلى منطقة حرير من أعمال البصرة، وقد ارتحل في تلك الفترة مهاجراً إلى الشام طلباً للأمن والاستقرار، حيث كانت الدولة العباسية تمر بمرحلة من الانحدار في عهد الناصر لدين الله،([15]) حيث بدأ اجتياح التتار لشرق العالم الإسلامي؛ فأحكموا سيطرتهم على بخارى سنة 616هـ/1219م، ثم سقطت على إثرها سمرقند سنة 617 هـ/1220م، وأخذت الممالك الشرقية تتهاوى أمام الغزو المغولي، في حين كان الخليفة العباسي الناصر ممعناً في اللهو، حيث تحدثت المصادر التاريخية عن استحداثه للمظالم واستيلائه على أموال الناس وأملاكهم، وكذلك عن ولعه بصيد الطيور ورمي البندق وغيرها من الملاهي،([16]) وكانت الدولة العباسية تعيش أيامها الأخيرة قبل سقوطها بيد التتار سنة 656 هـ/1258م، ونتيجة لهذا التدهور السياسي والاقتصادي فقد بدأت موجة هجرات جديدة للسادة في العراق متجهين نحو الحجاز والشام واليمن، طلباً للأمن والاستقرار، وكان ممن ارتحل منهم متجهاً نحو الشام الشيخ علي برهان الدين أبو النصر الحريري الذي غادر موطنه في قرية حرير من عوامل البصرة، ونزل في بصر حوران، وأقام فيها حتى وفاته سنة 620 هـ/1223م رحمه الله، وأعقب فيها ذرية انتشرت في مدينة بصر وفي العديد من قرى حوران، ونظراً لغلبة أبنائه وذريته في بصر فقد أضيف لقبه “الحريري”، إلى مدينة بصر إليه فاصطلح الناس على تسميتها منذ النصف الثاني من القرن السابع الهجري باسم: “بصر الحرير”، وكان الشيخ علي برهان الدين الحريري رجلاً صالحاً ورعاً تقياً،([17]) ترجم له العديد من المؤرخين، وعلى رأسهم الإمام الفاروثي الذي قال عنه في كتابه “إرشاد المسلمين”:
“وإلى السيد أبي الحسن علي ينتهي نسب آل الحريري من طريق ولده القطب الجليل السيد أبي النصر علي برهان الدين الحريري الرفاعي الكبير دفين بصر حوران بديار الشام”.([18])
وقال عنه الإمام السراج في صحاحه:
“وأما السيد علي أبو الحسن بن السيد عبد المحسن أبي الحسن علي فإنه هاجر إلى الشام وتزوج بأرضها بقرية يقال لها بصر أو بسرا، أعقب السيد يحيى النجاب ويقال له أبو القاسم والسيد صالح شمس الدين والسيد محمد بركة والسيد سليمان، فالسيد شمس الدين سكن مصر وأعقب علياً ومحمداً وشعبان، ولهم أعقاب، ومحمد بركة ابن السيد علي الحريري نزيل بصرا هذا أعقب محمداً ويوسف والسيد سليمان بن السيد علي؛ سكن قرية الأسارو من أعمال سلمية وأعقب بها إدريس وأحمد، وأما يحيى ابن السيد علي فإنه أعقب السيد علي وكان هذا من العارفين بالله … وأعقب يحيى أيضاً زين العابدين وله يونس وسرور وعابد وحوري وفياض ولكلهم عقب ببصر حوران”.([19])
وقال عنه الجمال الخطيب الحدادي الكبير:
“السيد علي بن السيد عبد المحسن أبي الحسن الحريري نزيل حوران الشام يكنيه بعض أهله وغيرهم من الشاميين بأبي الحسن ولكن كنيته الذي كناه بها أبوه: برهان الدين أبو النصر، رأيته وفاوضته فرأيت منه ديناً رصيناً، وقلباً مكيناً، ولساناً على الشرع أميناً، وطرفاً لله باكياً حزيناً”.([20])
وقد عرف الكثير من السادة الحريرية في بلاد الشام بالتقوى والزهد، وتحدثت عنهم كتب التراجم، ومنهم على سبيل المثال الشيخ أبو الحسن علي بن علي بن الحريري الذي قال عنه العلامة العيني في تاريخه “عقود الجمان”:
“كان شيخاً مشهوراً مكرماً عند الناس وله حرمة عند الدولة وعنده سعي في قضاء حوائج الناس وكان كثير التواضع سمحاً لا يدخر شيئاً، بشوش الوجه كيّساً، مات ببصر من أعمال دمشق في 27 جمادى الأولى”.([21])
وتحدث ابن كثير عن أخيه حسن بن علي الحريري، بقوله:
“توفي بقرية بصر، وكان أكبر الطائفة وللناس إليه ميل لحسن أخلاقه، وبنو الحريري بحماة من أشهر أكابر المشايخ والأشراف الكرام كثرهم الله تعالى”.([22])
وقد اهتمت الدولة العثمانية بتوثيق أنساب السادة الأشراف وتعيين رواتب لهم من خزانة الدولة، وإنشاء نقابات لهم في سائر الأقاليم والأمصار، واشتهر من السادة الحريرية في العهد العثماني عدد ممن تولى منصب القضاء والإفتاء ونقابة الأشراف في حوران وفي حماة، ومنهم الشيخ محمد الحريري الذي تولى منصب الإفتاء في حماة في مطلع القرن الثاني عشر الهجري.
واستقر بعضهم في مدينة دمشق حيث كان لهم حظوة عند ولاة الدولة العثمانية فيها، ومنهم السيد حسن بن يحيى النجاب الذي وصفه الشيخ محمد الحريري بأنه:
“كان له حظوة وشأن كبير عند ملوك الشام”.
هجرة السيد صالح شمس الدين إلى مصر في النصف الثاني من القرن السابع الهجري:
بعد أن هاجر الشيخ علي برهان الدين أبو النصر الحريري إلى الشام ونزل قرية بصر، تزوج من عائلة المفعلاني من أولاد السلطان عبد القادر الذين كانوا ساكنين قبله في مدينة بصر، فأعقب منها أربعة أبناء: الأكبر هو يحيى النجاب ويقال له أبو القاسم، ومحمد بركة، وسليمان، وكذلك صالح شمس الدين الذي هاجر إلى مصر، وسكن بها، وله فيها عقب من أولاده عليان ومحمد وشعبان.
هجرة السيد زاهد محيي الدين إلى حماة سنة 655هـ/1257م:
وفي منتصف القرن الثامن الهجري ارتحل السيد الحسيب النسيب زاهد محيي الدين بن يحيى النجاب بن علي برهان الدين أبي النصر الحريري إلى حماة سنة 655 هـ/1257م، واستقر بها حتى وفاته بها سنة 693 هـ/1293م، وقد ناهز الثمانين، ودفن بداره في حماة، وأعقب فيها مطراً وحديداً، فأما حديد فقد سكن بقرية القادر غربي حماة من أعمال كفر طاق، وأما السيد مطر فقد تولى مشيخة الحريرية الرفاعية بعد أبيه بحماة وله فيها ذرية.
radwan allawy- عدد المساهمات : 9
نقاط : 19
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 13/04/2009
هجرات السادة الحريرية ومواطنهم (2)
هجرة السيد محمد بن زين الحريري إلى فلسطين سنة 1121هـ/1709م:
ذكر السيد الحسيب النسيب عبد المحسن بن حسين بن إسماعيل بن علي بن زين العابدين بأن الشيخ محمد بن زين الحريري بن زين العابدين بن زين بن علي بن عبد الرحمن بن سليمان بن سرور بن زين العابدين بن يحيى النجاب نزل في مدينة الخليل سنة 1121هـ/1709م، ثم توجه إلى القدس الشريف وأقام بها محافظاً على أوقاف جده الحريري، وعاد بعد ذلك إلى نابلس وسكن بقرية يقال لها باقة، وتزوج من امرأة اسمها برية، وأعقب منها: خلفاً وقاسماً، فأما خلف فقد سكن في قرية عاروره وتوفي بها ولم يعقب سوى السيدة عائشة الجديبة. وأما قاسم فقد سكن في قرية بقال لها باقة في جبل نابلس، ثم انتقلت ذريته إلى قرية اغريريد التابعة لقضاء حيفا وأعقابه موجودون بها ويعرفون باسم عائلة “برية” لكون اسم جدتهم زوجة محمد الأكبر قد غلب عليهم.
ولا تزال أوقاف آل الحريري موجودة في مدينة القدس حتى يومنا هذا، حيث ينسب للسيد الحسيب النسيب محمد بن زين الحريري مسجد آل الحريري، وكان مسجداً عامراً تقام فيه الصلوات الخمس، ولكنه تعرض للإهمال بسبب الاحتلال الصهيوني لمدينة القدس، ولم يبق من بنائه الأصلي سوى جدران متهدمة، وبعض الزخارف المعمارية المتآكلة.([23])
مواطن آل الحريري وأماكن تواجدهم اليوم:
من خلال ما ورد في المخطوطات الخمس بين أيدينا؛ يمكن تحديد مواطن السادة الحريرية خلال هجراتهم المبكرة فيما يلي:
مصر:
نزل بها عليان ومحمد شعبان أبناء صالح شمس الدين بن يحيى النجاب بن علي برهان الدين الحريري، ولهم بها عقب.
كما نزل في مرحلة لاحقة علي بن يحيى النجاب إلى مصر وأعقب بها قاسماً وعبد المحسن.
فلسطين:
نزل الشيخ محمد بن زين الحريري بن زين العابدين بن زين بن علي بن عبد الرحمن بن سليمان بن سرور بن زين العابدين بن يحيى النجاب في مدينة الخليل سنة 1121هـ/1709م، ثم توجه إلى القدس الشريف وأقام بها محافظاً على أوقاف جده الحريري، وعاد بعد ذلك إلى نابلس وسكن بقرية يقال لها باقة وتزوج من امرأة اسمها برية وأعقب منها: خلف وقاسم.
فأما خلف فقد سكن في قرية عاروره وتوفي بها ولم يعقب سوى السيدة عائشة الجديبة.
وأما قاسم فقد سكن في قرية بقال لها باقة في جبل نابلس، ثم انتقلت ذريته إلى قرية اغريريد التابعة قضاء حيفا وأعقابه موجودون بها ويعرفون باسم عائلة “برية” لكون اسم جدتهم زوجة محمد الأكبر قد غلب عليهم.
لبنان:
تحدث السيد عبد المحسن رحمه الله عن ذرية عبد الغني بن عبد الرزاق بن عبد الله بن عبد الغني الأكبر الذي نزلت أمه عند عرب بني خالد وكانت حاملاً به وله عند العرب المذكورين أعقاباً إلى الآن يعرفون باسم: “أولاد الحريري”، ومنهم جماعة تقيم في مرج ابن عامر ويعرفون بالحريرية، ومنهم مجموعة تقيم في مدينة صور على البحر ويعرفون باسم: “أولاد الحريري” حتى يومنا هذا، ولهم أملاك في صور الغربية شرقي البحر.
دمشق:
نزل بها محمد بركة بن علي برهان الدين أبي النصر الحريري، وأعقب بها محمداً ويوسف، كما أن الشيخ شرف الدين إسماعيل أخا علي برهان الدين أبي النصر الحريري قد نزل أحفاده في دمشق ومن أبرزهم أحمد ركاب الذي ينسب له آل الركابي اليوم.
كما نزل في دمشق حسن بن يحيى النجاب وله فيها عقب.
ويوجد من عقب زين العابدين بن يحيى النجاب من ذرية سرور وعابد ويونس من نزل دمشق واستقر بها.
حماة:
نزل في ريفها سليمان بن علي برهان الدين الحريري وأعقب بها إدريس، وأحمد ولقبه تاج العارفين.
وفي سنة 655 هـ/1257م نزل زاهد محيي الدين في مدينة حماة واستقر بها، وأعقب مطراً وحديداً، فأما حديد فقد سكن بالقادر من غربي حماة في قرية كفر طاق، وأما السيد مطر فقد بقي في حماة وتولى مشيخة السادة الحريرية بها عقب وفاة والده سنة 693هـ/1293م.
حوران:
سبق الحديث عن نزول الشيخ علي برهان الدين أبي النصر الحريري في مدينة بصر التي اصطلح على تسميتها بعد ذلك باسم: “بصر الحرير” لغلبة ذريته فيها، ثم انتشر آل الحريري في أكثر من عشرين قرية من قرى حوران وهي على النحو الآتي:
الغرية الغربية، وصيدا، وكحيل، والجيزة، والحريك، والحراك، ودير السلط، وعلمه، والصورة، وإبطع، والشيخ مسكين، وداعل، والمتاعية، وتسيل، وعدوان، والفقيع، وسحم، ومحجة، وإنخل، وحيط، وأم ولد. كما يوجد عدد من الحريرية المقيمين في درعا، وفي مناطق أخرى من حوران أيضاً.
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) هو الخليفة العباسي جعفر المقتدر بالله بن المعتضد بن أحمد بن المتوكل، بويع له بالخلافة عقب وفاة أخيه المكتفي في 12 ذي القعدة سنة 295هـ/907م، واستمر في الخلافة حتى مقتله في 28 شوال سنة 320 هـ/932م، فكانت مدة حكمه حوالي 25 سنة، وقد شهد عهده الكثير من الثورات والفتن الداخلية وعلى رأسها ما أحدثه القرامطة من فساد في البحرين والعراق والحجاز.
([2]) محمد الخضري بيك، الدولة العباسية، مصدر سابق، ص.ص 350-353.
([3]) امتد حكم عبد الرحمن الثالث، الذي تلقب بلقب الناصر لدين الله نصف قرن من الزمان، (300-350هـ/912-961م) وقد وصف بأنه كان أميراً حازماً ذكياً عادلاً وعاقلاً شجاعاً، فقد نجح في القضاء علىحركات التمرد وشرع في حركة عمرانية واسعة وشهد عهده ازدهاراً علمياً في شتى أرجاء الأندلس. انظر: عبد الرحمن الحجي (1976) التاريخ الأندلسي، دار القلم، دمشق، ص. ص 297-315.
([4]) محمد بن محمد المقري (ت 759هـ) نفح الطيب في غصن الأندلس الرطيب وذكر وزيرها لسان الدين ابن الخطيب، تحقيق إحسان عباس، بيروت، 1968، 1/208.
([5]) توفي حسن رفاعة المكي في إشبيلية سنة 331هـ/942م ويسمى أبناءه بالرفاعيين أو آل الرفاعي، وهي ذرية عظيمة تفرعت عن أولاده الأربعة سعد وعمران وعلي الأكبر وعلي المكي.
([6]) توفي السيد علي بن حسن المكي في إشبيلية سنة 350 هـ/961م.
([7]) توفي السيد أحمد المرتضى بن علي المكي في إشبيلية سنة 370 هـ/980م.
([8]) توفي السيد الحازم بن أحمد المرتضي في إشبيلية سنة 385 هـ/995م.
([9]) توفي السيد محمد عسله بن السيد الحازم في إشبيلية سنة 430 هـ/1038م.
([10]) عبد الرحمن الحجي، التاريخ الأندلسي، مصدر سابق، ص.ص 323-326.
([11]) هو السيد حسن بن السيد محمد عسله بن السيد الحازم بن السيد أحمد بن السيد علي بن السيد حسن رفاعة المكي بن السيد محمد مهدي المكي بن حسن القاسم.
([12]) تشير المصادر إلى أن الخليفة العباسي القائم بأمر الله قد راسل السيد يحيى النقيب (ت 460 هـ/1067م) الذي قدم من الأندلس، وكان بصحبته السيد حسن بن محمد عسله (وكان إذ ذاك قاصراً)، وطلب إليه يستقدمه إلى بغداد وعهد إليه بتولي شؤون السادة الأشراف في البصرة وواسط والبطائح، وصار يلقب بشيخ بني رفاعة، وكان ذلك سنة 450هـ/1058م.
([13]) محمد الخضري بيك، الدولة العباسية، مصدر سابق، ص.ص 427-429.
([14]) توفي السيد علي برهان الدين أبي النصر الحريري في حياة والده السيد عبد المحسن بن عبد الرحيم، وهو حفيد السيد أحمد الرفاعي الثاني من ابنته السيدة زينب، وقد تولى مشيخة الرواق الرفاعي حتى وفاته سنة 629 هـ/1231م، وتشير المصادر إلى أن السيد عبد المحسن كان أول من تلقب بلقب الحريري، وقد أعقب ولدين هما السيد علي برهان الدين أبو النصر الحريري نزيل بصر حوران (ت 620هـ/1223م)، والسيد شرف الدين إسماعيل (ت 670هـ/1271م) الذي ينسب له آل الركابي وآل أبي طوق في دمشق، وله عقب في فلطسين والأردن منهم آل الوقفي.
([15]) بويع الناصر لدين الله بالخلافة بعد وفاة والده المستضيء في 2 ذي القعدة سنة 575 هـ/1179م، واستمر في الحكم حتى وفاته في آخر ليلة من شهر رمضان سنة 622 هـ/1225م، فكانت مدة خلافته 46 عاماً، وهو أطول خلفاء بني العباس مدة. المصدر السابق، ص 466.
([16]) محمد الخضري بيك، الدولة العباسية، مصدر سابق، ص.ص 475-476.
([17]) وقع الخلط عند بعض المؤرخين المحدثين بين الشيخ علي برهان الدين أبي النصر الحريري رحمه الله المتوفى سنة 620 هـ/1223م، وبين علي بن أبي الحسن بن منصور المروزي الحريري المتوفى سنة 645 هـ/1247م، وكان المروزي من تلاميذ يحيى النجاب بن الشيخ علي برهان الدين الحريري ثم طرده من حلقته بسبب قوله بالوحدة والشطح والتبجح، ثم سجن المروزي هذا في قلعة دمشق ومات تائباً بعد أن أفرج عنه، وقد ترجم له العديد من المؤرخين، انظر: محمد بن أحمد الذهبي (ت 748 هـ) سير أعلام النبلاء، تحقيق شعيب الأرناؤوط، دار الرسالة، بيروت، 1406هـ، 23/224-227، و عماد الدين أبي الفداء بن كثير (ت 774 هـ) البداية والنهاية، القاهرة، 1358هـ، 13/173، و عبد الحي بن العماد الحنبلي (ت 1089 هـ) شذرات الذهب في أخبار من ذهب، دار المسيرة، بيروت، 1979، 5/231-232. أما الشيخ علي برهان الدين الحريري صاحب هذا النسب فقد كان صاحب ورع وتقوى، ولم ينقل عنه ما يقدح في دينه وعقيدته.
([18]) محمد أبو الهدى الصيادي (د.ت) مختصر الروض البسام في أشهر البطون القرشية بالشام؛ مكتبة المعارف، الطائف. ص. 534.
([19]) المصدر السابق.
([20]) المصدر السابق، ص. 535.
([21]) محمد أبو الهدى (د.ت) الروض البسام، مصدر سابق، ص. 536.
([22]) المصدر السابق.
([23]) نقلاً عن خطاب موجه إلى الوالد حفظه الله من قبل المهندس فتحي مقبل المقبل بتاريخ 11 أبريل سنة 1995.
ذكر السيد الحسيب النسيب عبد المحسن بن حسين بن إسماعيل بن علي بن زين العابدين بأن الشيخ محمد بن زين الحريري بن زين العابدين بن زين بن علي بن عبد الرحمن بن سليمان بن سرور بن زين العابدين بن يحيى النجاب نزل في مدينة الخليل سنة 1121هـ/1709م، ثم توجه إلى القدس الشريف وأقام بها محافظاً على أوقاف جده الحريري، وعاد بعد ذلك إلى نابلس وسكن بقرية يقال لها باقة، وتزوج من امرأة اسمها برية، وأعقب منها: خلفاً وقاسماً، فأما خلف فقد سكن في قرية عاروره وتوفي بها ولم يعقب سوى السيدة عائشة الجديبة. وأما قاسم فقد سكن في قرية بقال لها باقة في جبل نابلس، ثم انتقلت ذريته إلى قرية اغريريد التابعة لقضاء حيفا وأعقابه موجودون بها ويعرفون باسم عائلة “برية” لكون اسم جدتهم زوجة محمد الأكبر قد غلب عليهم.
ولا تزال أوقاف آل الحريري موجودة في مدينة القدس حتى يومنا هذا، حيث ينسب للسيد الحسيب النسيب محمد بن زين الحريري مسجد آل الحريري، وكان مسجداً عامراً تقام فيه الصلوات الخمس، ولكنه تعرض للإهمال بسبب الاحتلال الصهيوني لمدينة القدس، ولم يبق من بنائه الأصلي سوى جدران متهدمة، وبعض الزخارف المعمارية المتآكلة.([23])
مواطن آل الحريري وأماكن تواجدهم اليوم:
من خلال ما ورد في المخطوطات الخمس بين أيدينا؛ يمكن تحديد مواطن السادة الحريرية خلال هجراتهم المبكرة فيما يلي:
مصر:
نزل بها عليان ومحمد شعبان أبناء صالح شمس الدين بن يحيى النجاب بن علي برهان الدين الحريري، ولهم بها عقب.
كما نزل في مرحلة لاحقة علي بن يحيى النجاب إلى مصر وأعقب بها قاسماً وعبد المحسن.
فلسطين:
نزل الشيخ محمد بن زين الحريري بن زين العابدين بن زين بن علي بن عبد الرحمن بن سليمان بن سرور بن زين العابدين بن يحيى النجاب في مدينة الخليل سنة 1121هـ/1709م، ثم توجه إلى القدس الشريف وأقام بها محافظاً على أوقاف جده الحريري، وعاد بعد ذلك إلى نابلس وسكن بقرية يقال لها باقة وتزوج من امرأة اسمها برية وأعقب منها: خلف وقاسم.
فأما خلف فقد سكن في قرية عاروره وتوفي بها ولم يعقب سوى السيدة عائشة الجديبة.
وأما قاسم فقد سكن في قرية بقال لها باقة في جبل نابلس، ثم انتقلت ذريته إلى قرية اغريريد التابعة قضاء حيفا وأعقابه موجودون بها ويعرفون باسم عائلة “برية” لكون اسم جدتهم زوجة محمد الأكبر قد غلب عليهم.
لبنان:
تحدث السيد عبد المحسن رحمه الله عن ذرية عبد الغني بن عبد الرزاق بن عبد الله بن عبد الغني الأكبر الذي نزلت أمه عند عرب بني خالد وكانت حاملاً به وله عند العرب المذكورين أعقاباً إلى الآن يعرفون باسم: “أولاد الحريري”، ومنهم جماعة تقيم في مرج ابن عامر ويعرفون بالحريرية، ومنهم مجموعة تقيم في مدينة صور على البحر ويعرفون باسم: “أولاد الحريري” حتى يومنا هذا، ولهم أملاك في صور الغربية شرقي البحر.
دمشق:
نزل بها محمد بركة بن علي برهان الدين أبي النصر الحريري، وأعقب بها محمداً ويوسف، كما أن الشيخ شرف الدين إسماعيل أخا علي برهان الدين أبي النصر الحريري قد نزل أحفاده في دمشق ومن أبرزهم أحمد ركاب الذي ينسب له آل الركابي اليوم.
كما نزل في دمشق حسن بن يحيى النجاب وله فيها عقب.
ويوجد من عقب زين العابدين بن يحيى النجاب من ذرية سرور وعابد ويونس من نزل دمشق واستقر بها.
حماة:
نزل في ريفها سليمان بن علي برهان الدين الحريري وأعقب بها إدريس، وأحمد ولقبه تاج العارفين.
وفي سنة 655 هـ/1257م نزل زاهد محيي الدين في مدينة حماة واستقر بها، وأعقب مطراً وحديداً، فأما حديد فقد سكن بالقادر من غربي حماة في قرية كفر طاق، وأما السيد مطر فقد بقي في حماة وتولى مشيخة السادة الحريرية بها عقب وفاة والده سنة 693هـ/1293م.
حوران:
سبق الحديث عن نزول الشيخ علي برهان الدين أبي النصر الحريري في مدينة بصر التي اصطلح على تسميتها بعد ذلك باسم: “بصر الحرير” لغلبة ذريته فيها، ثم انتشر آل الحريري في أكثر من عشرين قرية من قرى حوران وهي على النحو الآتي:
الغرية الغربية، وصيدا، وكحيل، والجيزة، والحريك، والحراك، ودير السلط، وعلمه، والصورة، وإبطع، والشيخ مسكين، وداعل، والمتاعية، وتسيل، وعدوان، والفقيع، وسحم، ومحجة، وإنخل، وحيط، وأم ولد. كما يوجد عدد من الحريرية المقيمين في درعا، وفي مناطق أخرى من حوران أيضاً.
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) هو الخليفة العباسي جعفر المقتدر بالله بن المعتضد بن أحمد بن المتوكل، بويع له بالخلافة عقب وفاة أخيه المكتفي في 12 ذي القعدة سنة 295هـ/907م، واستمر في الخلافة حتى مقتله في 28 شوال سنة 320 هـ/932م، فكانت مدة حكمه حوالي 25 سنة، وقد شهد عهده الكثير من الثورات والفتن الداخلية وعلى رأسها ما أحدثه القرامطة من فساد في البحرين والعراق والحجاز.
([2]) محمد الخضري بيك، الدولة العباسية، مصدر سابق، ص.ص 350-353.
([3]) امتد حكم عبد الرحمن الثالث، الذي تلقب بلقب الناصر لدين الله نصف قرن من الزمان، (300-350هـ/912-961م) وقد وصف بأنه كان أميراً حازماً ذكياً عادلاً وعاقلاً شجاعاً، فقد نجح في القضاء علىحركات التمرد وشرع في حركة عمرانية واسعة وشهد عهده ازدهاراً علمياً في شتى أرجاء الأندلس. انظر: عبد الرحمن الحجي (1976) التاريخ الأندلسي، دار القلم، دمشق، ص. ص 297-315.
([4]) محمد بن محمد المقري (ت 759هـ) نفح الطيب في غصن الأندلس الرطيب وذكر وزيرها لسان الدين ابن الخطيب، تحقيق إحسان عباس، بيروت، 1968، 1/208.
([5]) توفي حسن رفاعة المكي في إشبيلية سنة 331هـ/942م ويسمى أبناءه بالرفاعيين أو آل الرفاعي، وهي ذرية عظيمة تفرعت عن أولاده الأربعة سعد وعمران وعلي الأكبر وعلي المكي.
([6]) توفي السيد علي بن حسن المكي في إشبيلية سنة 350 هـ/961م.
([7]) توفي السيد أحمد المرتضى بن علي المكي في إشبيلية سنة 370 هـ/980م.
([8]) توفي السيد الحازم بن أحمد المرتضي في إشبيلية سنة 385 هـ/995م.
([9]) توفي السيد محمد عسله بن السيد الحازم في إشبيلية سنة 430 هـ/1038م.
([10]) عبد الرحمن الحجي، التاريخ الأندلسي، مصدر سابق، ص.ص 323-326.
([11]) هو السيد حسن بن السيد محمد عسله بن السيد الحازم بن السيد أحمد بن السيد علي بن السيد حسن رفاعة المكي بن السيد محمد مهدي المكي بن حسن القاسم.
([12]) تشير المصادر إلى أن الخليفة العباسي القائم بأمر الله قد راسل السيد يحيى النقيب (ت 460 هـ/1067م) الذي قدم من الأندلس، وكان بصحبته السيد حسن بن محمد عسله (وكان إذ ذاك قاصراً)، وطلب إليه يستقدمه إلى بغداد وعهد إليه بتولي شؤون السادة الأشراف في البصرة وواسط والبطائح، وصار يلقب بشيخ بني رفاعة، وكان ذلك سنة 450هـ/1058م.
([13]) محمد الخضري بيك، الدولة العباسية، مصدر سابق، ص.ص 427-429.
([14]) توفي السيد علي برهان الدين أبي النصر الحريري في حياة والده السيد عبد المحسن بن عبد الرحيم، وهو حفيد السيد أحمد الرفاعي الثاني من ابنته السيدة زينب، وقد تولى مشيخة الرواق الرفاعي حتى وفاته سنة 629 هـ/1231م، وتشير المصادر إلى أن السيد عبد المحسن كان أول من تلقب بلقب الحريري، وقد أعقب ولدين هما السيد علي برهان الدين أبو النصر الحريري نزيل بصر حوران (ت 620هـ/1223م)، والسيد شرف الدين إسماعيل (ت 670هـ/1271م) الذي ينسب له آل الركابي وآل أبي طوق في دمشق، وله عقب في فلطسين والأردن منهم آل الوقفي.
([15]) بويع الناصر لدين الله بالخلافة بعد وفاة والده المستضيء في 2 ذي القعدة سنة 575 هـ/1179م، واستمر في الحكم حتى وفاته في آخر ليلة من شهر رمضان سنة 622 هـ/1225م، فكانت مدة خلافته 46 عاماً، وهو أطول خلفاء بني العباس مدة. المصدر السابق، ص 466.
([16]) محمد الخضري بيك، الدولة العباسية، مصدر سابق، ص.ص 475-476.
([17]) وقع الخلط عند بعض المؤرخين المحدثين بين الشيخ علي برهان الدين أبي النصر الحريري رحمه الله المتوفى سنة 620 هـ/1223م، وبين علي بن أبي الحسن بن منصور المروزي الحريري المتوفى سنة 645 هـ/1247م، وكان المروزي من تلاميذ يحيى النجاب بن الشيخ علي برهان الدين الحريري ثم طرده من حلقته بسبب قوله بالوحدة والشطح والتبجح، ثم سجن المروزي هذا في قلعة دمشق ومات تائباً بعد أن أفرج عنه، وقد ترجم له العديد من المؤرخين، انظر: محمد بن أحمد الذهبي (ت 748 هـ) سير أعلام النبلاء، تحقيق شعيب الأرناؤوط، دار الرسالة، بيروت، 1406هـ، 23/224-227، و عماد الدين أبي الفداء بن كثير (ت 774 هـ) البداية والنهاية، القاهرة، 1358هـ، 13/173، و عبد الحي بن العماد الحنبلي (ت 1089 هـ) شذرات الذهب في أخبار من ذهب، دار المسيرة، بيروت، 1979، 5/231-232. أما الشيخ علي برهان الدين الحريري صاحب هذا النسب فقد كان صاحب ورع وتقوى، ولم ينقل عنه ما يقدح في دينه وعقيدته.
([18]) محمد أبو الهدى الصيادي (د.ت) مختصر الروض البسام في أشهر البطون القرشية بالشام؛ مكتبة المعارف، الطائف. ص. 534.
([19]) المصدر السابق.
([20]) المصدر السابق، ص. 535.
([21]) محمد أبو الهدى (د.ت) الروض البسام، مصدر سابق، ص. 536.
([22]) المصدر السابق.
([23]) نقلاً عن خطاب موجه إلى الوالد حفظه الله من قبل المهندس فتحي مقبل المقبل بتاريخ 11 أبريل سنة 1995.
radwan allawy- عدد المساهمات : 9
نقاط : 19
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 13/04/2009
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الخميس أغسطس 02, 2012 10:47 am من طرف بنت ازرع
» ملخص وتذكرة بسيطة عن مدينة بصر الحرير ....
الأربعاء يوليو 04, 2012 11:07 am من طرف بنت ازرع
» عاجل بصر الحرير البطلة
الجمعة يونيو 22, 2012 2:37 am من طرف بنت ازرع
» قصف مدينة بصر الحرير بالهاون
الأحد يونيو 17, 2012 2:10 am من طرف بنت ازرع
» حوران منتصف النهار آخر الاحداث
الأحد يونيو 17, 2012 2:03 am من طرف بنت ازرع
» عاجل من بصر الحرير حفظها الله
الخميس يونيو 14, 2012 10:42 am من طرف بنت ازرع
» اوطى قمة بالعالم لموسوعة جنيس
الخميس مايو 03, 2012 5:43 am من طرف بنت ازرع
» شهداء الفزعة لكي لا ننسى رحمكم الله
الخميس مايو 03, 2012 5:38 am من طرف بنت ازرع
» عمل خاص حوران بصرالحریر
الأحد أبريل 29, 2012 12:02 am من طرف بنت ازرع